كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



يلتفت الخطاب إلى عيسى بن مريم- على الملأ ممن ألهوه وعبدوه وصاغوا حوله وحول أمه- مريم- التهاويل.. يلتفت إليه يذكره نعمة الله عليه وعلى والدته؛ ويستعرض المعجزات التي آتاها الله إياه ليصدق الناس برسالته، فكذبه من كذبه منهم أشد التكذيب وأقبحه؛ وفتن به وبالآيات التي جاءت معه من فتن؛ وألهوه مع الله من أجل هذه الآيات، وهي كلها من صنع الله الذي خلقه وأرسله وأيده بالمعجزات:
{إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين وإذا أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون}..
إنها المواجهة بما كان من نعم الله على عيسى بن مريم وأمه.. من تأييده بروح القدس في مهده، وهو يكلم الناس في غير موعد الكلام؛ يبرئ أمه من الشبهة التي أثارتها ولادته على غير مثال؛ ثم وهو يكلمهم في الكهولة يدعوهم إلى الله.. وروح القدس جبريل- عليه السلام- يؤيده هنا وهناك.. ومن تعليمه الكتاب والحكمة؛ وقد جاء إلى هذه الأرض لا يعلم شيئاً، فعلمه الكتابة وعلمه كيف يحسن تصريف الأمور، كما علّمه التوراة التي جاء فوجدها في بني إسرائيل، والإنجيل الذي آتاه إياه مصدقاً لما بين يديه من التوراة.
ثم من إيتائه خارق المعجزات التي لا يقدر عليها بشر إلا بإذن الله. فإذا هو يصور من الطين كهيئة الطير بإذن الله؛ فينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله- لا ندري كيف لأننا لا ندري إلى اليوم كيف خلق الله الحياة، وكيف يبث الحياة في الأحياء- وإذا هو يبرئ المولود أعمى- بإذن الله- حيث لا يعرف الطب كيف يرد إليه البصر- ولكن الله الذي يهب البصر أصلاً قادر على أن يفتح عينيه للنور- ويبرئ الأبرص بإذن الله، لا بدواء- والدواء وسيلة لتحقيق إذن الله في الشفاء، وصاحب الإذن قادر على تغيير الوسيلة، وعلى تحقيق الغاية بلا وسيلة- وإذا هو يحيي الموتى بإذن الله- وواهب الحياة أول مرة قادر على رجعها حين يشاء- ثم يذكره بنعمة الله عليه في حمايته من بني إسرائيل إذ جاءهم بهذه البينات كلها فكذبوه وزعموا أن معجزاته هذه الخارقة سحر مبين! ذلك أنهم لم يستطيعوا إنكار وقوعها- وقد شهدتها الألوف- ولم يريدوا التسليم بدلالتها عناداً وكبراً.. حمايته منهم فلم يقتلوه- كما أرادوا ولم يصلبوه. بل توفاه الله ورفعه إليه.. كذلك يذكره بنعمة الله عليه في إلهام الحواريين أن يؤمنوا بالله وبرسوله؛ فإذا هم ملبون مستسلمون، يشهدونه على إيمانهم وإسلامهم أنفسهم كاملة لله:
{وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون}..
إنها النعم التي آتاها الله عيسى بن مريم، لتكون له شهادة وبينة. فإذا كثرة من أتباعه تتخذ منها مادة للزيغ؛ وتصوغ منها وحولها الأضاليل- فها هو ذا عيسى يواجه بها على مشهد من الملأ الأعلى، ومن الناس جميعاً، ومنهم قومه الغالون فيه.. ها هو ذا يواجه بها ليسمع قومه ويروا؛ وليكون الخزي أوجع وأفضح على مشهد من العالمين!
ويستطرد السياق في معرض النعم على عيسى بن مريم وأمه، إلى شيء من نعمة الله على قومه، ومن معجزاته التي أيده الله بها وشهدها بها الحواريون:
{إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين}.
ويكشف لنا هذا الحوار عن طبيعة قوم عيسى.. المستخلصين منهم وهم الحواريون.. فإذا بينهم وبين أصحاب رسولنا صلى الله عليه وسلم فرق بعيد..
إنهم الحواريون الذين ألهمهم الله الإيمان به وبرسوله عيسى. فآمنوا. وأشهدوا عيسى على إسلامهم.. ومع هذا فهم بعدما رأوا من معجزات عيسى ما رأوا، يطلبون خارقة جديدة. تطمئن بها نفوسهم. ويعلمون منها أنه صدقهم. ويشهدون بها له لمن وراءهم.
فأما أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلم يطلبوا منه خارقة واحدة بعد إسلامهم.. لقد آمنت قلوبهم واطمأنت منذ أن خالطتها بشاشة الإيمان. ولقد صدقوا رسولهم فلم يعودوا يطلبون على صدقه بعد ذلك البرهان. ولقد شهدوا له بلا معجزة إلا هذا القرآن..
هذا هو الفارق الكبير بين حواريي عيسى عليه السلام- وحواريي محمد صلى الله عليه وسلم ذلك مستوى، وهذا مستوى.. وهؤلاء مسلمون وأولئك مسلمون.. وهؤلاء مقبولون عند الله وهؤلاء مقبولون.. ولكن تبقى المستويات متباعدة كما أرادها الله..
وقصة المائدة- كما أوردها القرآن الكريم- لم ترد في كتب النصارى. ولم تذكر في هذه الأناجيل التي كتبت متأخرة بعد عيسى- عليه السلام- بفترة طويلة، لا يؤمن معها على الحقيقة التي تنزلت من عند الله. وهذه الأناجيل ليست إلا رواية بعض القديسين عن قصة عيسى- عليه السلام- وليست هي ما أنزله الله عليه وسماه الإنجيل الذي آتاه..
ولكن ورد في هذه الأناجيل خبر عن المائدة في صورة أخرى: فورد في إنجيل متى في نهاية الإصحاح الخامس عشر: وأما يسوع فدعا تلاميذه، وقال: إني أشفق على الجميع، لأن لهم الآن ثلاثة أيام يمشون معي، وليس لهم ما يأكلون. ولست أريد أن أصرفهم صائمين لئلا يخوروا في الطريق. فقال له تلاميذه: من أين لنا في البرية خبز بهذا المقدار حتى يشبع جمعاً هذا عدده؟ فقال لهم يسوع: كم عندكم من الخبز؟ فقالوا: سبعة وقليل من صغار السمك. فأمر الجموع أن يتكئوا على الأرض؛ وأخذ السبع خبزات والسمك، وشكر وكسر، وأعطى تلاميذه، والتلاميذ أعطوا الجمع، فأكل الجمع وشبعوا، ثم رفعوا ما فضل من الكسر سبعة سلال مملوءة، والآكلون كانوا أربعة الآف، ما عدا النساء والأولاد... وورد مثل هذه الرواية في سائر الأناجيل..
وبعض التابعين- رضوان الله عليهم- كمجاهد والحسن- يريان أن المائدة لم تنزل. لأن الحواريين حينما سمعوا قول الله سبحانه: {إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين}.. خافوا وكفوا عن طلب نزولها:
قال ابن كثير في التفسير: روى الليث بن أبى سليم عن مجاهد قال: «هو مثل ضربة الله ولم ينزل شيء» (رواه ابن أبي حاتم وابن جرير).
ثم قال ابن جرير: حدثنا الحارث، حدثنا القاسم- هو ابن سلام- حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد قال: مائدة عليها طعام أبوها حين عرض عليهم العذاب إن كفروا، فأبوا أن تنزل عليهم.. وقال أيضا؛ حدثناً أبو المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، أنه قال في المائدة: إنها لم تنزل.. وحدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: كان الحسن يقول: لما قيل لهم: {فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين} قالوا: لا حاجة لنا فيها، فلم تنزل.
ولكن أكثر آراء السلف على أنها نزلت. لأن الله تعالى قال: {إني منزلها عليكم}. ووعد الله حق. وما أورده القرآن الكريم عن المائدة هو الذي نعتمده في أمرها دون سواه..
إن الله- سبحانه- يذكر عيسى بن مريم- في مواجهة قومه يوم الحشر وعلى مشهد من العالمين- بفضله عليه: {إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء}..
لقد كان الحواريون- وهم تلاميذ المسيح وأقرب أصحابه إليه وأعرفهم به- يعرفون أنه بشر.. ابن مريم.. وينادونه بما يعرفونه عنه حق المعرفة. وكانوا يعرفون أنه ليس ربا وإنما هو عبد مربوب لله. وأنه ليس ابن الله، إنما هو ابن مريم ومن عبيدالله؛ وكانوا يعرفون كذلك أن ربه هو الذي يصنع تلك المعجزات الخوارق على يديه، وليس هو الذي يصنعها من عند نفسه بقدرته الخاصة.. لذلك حين طلبوا إليه، أن تنزل عليهم مائدة من السماء، لم يطلبوها منه، فهم يعرفون أنه بذاته لا يقدر على هذه الخارقة. وإنما سألوه:
{يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء}..
واختلفت التأويلات في قولهم: {هل يستطيع ربك}.. كيف سألوا بهذه الصيغة بعد إيمانهم بالله وإشهاد عيسى- عليه السلام- على إسلامهم له. وقيل إن معنى يستطيع ليس (يقدر) ولكن المقصود هو لازم الاستطاعة وهو أن ينزلها عليهم. وقيل: إن معناها: هل يستجيب لك إذا طلبت. وقرئت: {هل تستطيع ربك}. بمعنى هل تملك أنت أن تدعو ربك لينزل علينا مائدة من السماء..
وعلى أية حال فقد رد عليهم عيسى- عليه السلام- محذراً إياهم من طلب هذه الخارقة.. لأن المؤمنين لا يطلبون الخوارق، ولا يقترحون على الله.
{قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين}..
ولكن الحواريين كرروا الطلب، معلنين عن علته وأسبابه وما يرجون من ورائه:
{قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين}.
فهم يريدون أن يأكلوا من هذا الطعام الفريد الذي لا نظير له عند أهل الأرض. وتطمئن قلوبهم برؤية هذه الخارقة وهي تتحقق أمام أعينهم؛ ويستيقنوا أن عيسى عليه السلام قد صدقهم، ثم يكونوا شهوداً لدى بقية قومهم على وقوع هذه المعجزة.
وكلها أسباب كما قلنا تصور مستوى معيناً دون مستوى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فهؤلاء طراز آخر بالموازنة مع هذا الطراز!
عندئذ اتجه عيسى- عليه السلام- إلى ربه يدعوه:
{قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين}..
وفي دعاء عيسى- بن مريم- كما يكرر السياق القرآني هذه النسبة- أدب العبد المجتبى مع إلهه ومعرفته بربه. فهو يناديه: يا الله. يا ربنا. إنني أدعوك أن تنزل علينا مائدة من السماء، تعمنا بالخير والفرحة كالعيد، فتكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا؛ وأن هذا من رزقك فارزقنا وأنت خير الرازقين.. فهو إذن يعرف أنه عبد؛ وأن الله ربه. وهذا الاعتراف يعرض على مشهد من العالمين، في مواجهة قومه، يوم المشهد العظيم!
واستجاب الله دعاء عبده الصالح عيسى بن مريم؛ ولكن بالجد اللائق بجلاله سبحانه.. لقد طلبوا خارقة. واستجاب الله. على أن يعذب من يكفر منهم بعد هذه الخارقة عذاباً شديداً بالغاً في شدته لا يعذبه أحداً من العالمين:
{قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين}..
فهذا هو الجد اللائق بجلال الله؛ حتى لا يصبح طلب الخوارق تسلية ولهواً. وحتى لا يمضي الذين يكفرون بعد البرهان المفحم دون جزاء رادع!
وقد مضت سنة الله من قبل بهلاك من يكذبون بالرسل بعد المعجزة.. فأما هنا فإن النص يحتمل أن يكون هذا العذاب في الدنيا، أو أن يكون في الآخرة.
ويسكت السياق بعد وعد الله وتهديده.. ليمضي إلى القضية الأساسية.. قضية الألوهية والربوبية.. وهي القضية الواضحة في الدرس كله.. فلنعد إلى المشهد العظيم فهو ما يزال معروضاً على أنظار العالمين. لنعد إليه فنسمع استجواباً مباشراً في هذه المرة في مسألة الألوهية المدعاة لعيسى بن مريم وأمه. استجواباً يوجه إلى عيسى- عليه السلام- في مواجهة الذين عبدوه. ليسمعوه وهو يتبرأ إلى ربه في دهش وفزع من هذه الكبيرة التي افتروها عليه وهو منها بريء:
{وإذا قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد.
إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}..
وإن الله- سبحانه- ليعلم ماذا قال عيسى للناس. ولكنه الاستجواب الهائل الرهيب في اليوم العظيم المرهوب: الاستجواب الذي يقصد به إلى غير المسؤول؛ ولكن في صورته هذه وفي الإجابة عليه ما يزيد من بشاعة موقف المؤلهين لهذا العبد الصالح الكريم..
إنها الكبيرة التي لا يطيق بشر عادي أن يقذف بها.. أن يدعي الألوهية وهو يعلم أنه عبد.. فكيف برسول من أولي العزم؟ كيف بعيسى بن مريم؛ وقد أسلف الله له هذه النعم كلها بعد ما اصطفاه بالرسالة وقبل ما اصطفاه؟ كيف به يواجه استجواباً عن ادعاء الألوهية، وهو العبد الصالح المستقيم؟
من أجل ذلك كان الجواب الواجف الراجف الخاشع المنيب.. يبدأ بالتسبيح والتنزيه:
{قال سبحانك}.
ويسرع إلى التبرؤ المطلق من أن يكون من شأنه هذا القول أصلاً:
{ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق}.
ويستشهد بذات الله سبحانه على براءته؛ مع التصاغر أمام الله وبيان خصائص عبوديته وخصائص ألوهية ربه:
{إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب}..
وعندئذ فقط، وبعد هذه التسبيحة الطويلة يجرؤ على الإثبات والتقرير فيما قاله وفيما لم يقله، فيثبت أنه لم يقل لهم إلا أن يعلن عبوديته وعبوديتهم لله ويدعوهم إلى عبادته:
{ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم}.
ثم يخلي يده منهم بعد وفاته.. وظاهر النصوص القرآنية يفيد أن الله- سبحانه- قد توفى عيسى بن مريم ثم رفعه إليه. وبعض الآثار تفيد أنه حي عند الله. وليس هنالك- فيما أرى- أي تعارض يثير أي استشكال بين أن يكون الله قد توفاه من حياة الأرض، وأن يكون حياً عنده. فالشهداء كذلك يموتون في الأرض وهم أحياء عند الله. أما صورة حياتهم عنده فنحن لا ندري لها كيفاً. وكذلك صورة حياة عيسى- عليه السلام- وهو هنا يقول لربه: إنني لا أدري ماذا كان منهم بعد وفاتي: